استقالة العامل وفق النظام السعودي : ان مسألة الاستقالة لم يتعامل معها نظام العمل السعودي بالصورة الشاملة مما جعل كثير من الاسئلة المثار حولها بلا اجوبه، وحيث اشار اليها في المادة الخامسة والثمانون( إذا كان انتهاء علاقة العمل بسبب استقالة العامل يستحق في هذه الحالة ثلث المكافأة بعد خدمة لا تقل مدتها عن سنتين متتاليتين …….الخ) مما فتح الباب على مصارعيه في التعامل مع الاستقالة المقدمة من العامل والتي لا يمكن معرفة صحة الاجراء المتبع معها الا من خلال تفسير الهيئات العمالية الابتدائية والعليا لتسوية الخلافات العمالية والتي لن تكون الا بعد فوات الاون وبالتالي لا يمكن التحرز من الخطأ او التثبت من الاجراء الصحيح وما دعانا لمثل هذا المقال هو سؤال ورد إلينا متعلق بالاستقالة ولسبب عدم ما ينظم المسألة لزم البحث والمراجعة والاستقراء مما جعلنا نقف عند اجابة هذه الاسئلة كما يلي:
- هل الاستقالة تنشئ أثرها من تاريخ تقديمها ام من تأشير صاحب العمل بالقبول؟
ولما قلنا بخلو نظام العمل من الاشارة الى الاستقالة ومسائلها فإننا نلجئ للمعمول بها قضاء وباستقراء السوابق القضائية نجد ان سكوت صاحب العمل بعد ارسال العامل استقالته وتركه للعمل قرينة القبول، وبحكم أخر نجد ان تقديم العامل لاستقالته ثم ترك العامل يستمر بالعمل قرينة عدم قبولها كما جاء في المبدأ: (….. وترك الشركة العامل مستمراً في عمله بعد المهلة التي حددها لها في طلب الاستقالة يعتبر قرينة على عدم قبول الاستقالة)) رقم القرار النهائي: 530/2/432 وتاريخ 16/5/1432هـ ونجد أن مبدأ اخر جاء فيه (الاستقالة أيا كانت صورتها أو شكلها فهي حق للعامل، وكذلك لصاحب العمل حق قبولها أو رفضها – أثر ذلك: تقديم العامل استقالتها وقبولها من صاحب العمل، ثم مطالبة العامل بالعودة للعمل بعد ذلك يدخل في نطاق سلطة صاحب العمل الذي يملك القبول أو الرفض ……) مما يعني ان اثر الاستقالة لا يسري الا في حال وجود ما يقابلها من اجابة صاحب العمل أو تصرفه الذي يفسر كإجابة تحمل الرفض أو القبول.
- يثار أيضا مسألة هل الاستقالة تكون في العقود المحددة وغير المحددة على السواء؟
ان المدة في العقد المحدد محل اعتبار وبالتالي لا يتصور انهاء العقد قبل مدته الا للأسباب المذكورة في النظام وليس منها الاستقالة كما ان الاستقالة في العقود محددة المدة ان لم يقابلها قبول صاحب العمل لكان انهاء العامل غير مشروع ويوجب التعويض عنه وبالتالي لا يمكن القول بوجود الاستقالة في العقد المحدد المدة بل هو اتفاق الطرفين على الانهاء مع مراعاة المادة (85) من نظام العمل في حساب مكافأة نهاية الخدمة ان تقدم بها العامل، أما في العقود غير محددة المدة فهي ممكنه على ان تراعى قواعد انهاء العقد ومنها عدم الاضرار بصحاب العمل.
- اما مسألة تقديم الاستقالة والمهلة اللازمة لقبول أو رفض الاستقالة؟
باستقراء القوانين الاخرى نجد ان قانون العمل المصري مثلاً في مادته 119 (لا يعتد باستقالة العامل إلا إذا كانت مكتوبة ، وللعامل المستقيل أن يعدل عن استقالته كتابة خلال أسبوع من تاريخ إخطاره صاحب العمل بالاستقالة ، وفى هذه الحالة تعتبر الاستقالة كأن لم تكن) نجد انه حدد لعامل مده قدرها اسبوعا للعدول عن الاستقالة والا اصبحت سارية من تاريخها دون اعتبار لإجابة صاحب العمل ولنجيب عن هذا السؤال في ضوء نظام العمل السعودي والسوابق القضائية أن كان عقد العمل محدد المدة فهي متوقفة على قبول أو رفض صاحب العمل او ظهور أي اجراء يفسر ضمنيا على أنه قبول أو رفض، اما ان كان عقد العمل غير محدد المدة فهي ان كانت تتوافق مع قواعد الانهاء المحددة نظاما فهي سارية من تاريخ اخر يوم عمل، وان استمر العامل بعدها ولم يعترض صاحب العمل فهو اقرار ضمني منه بعودته للعمل.
- هل يلزم صاحب العمل اعادة العامل في حال قرر العودة بعد قبول استقالته؟
نجد ان المبدأ جاء فيه: (تقديم العامل استقالتها وقبولها من صاحب العمل، ثم مطالبة العامل بالعودة للعمل بعد ذلك يدخل في نطاق سلطة صاحب العمل الذي يملك القبول أو الرفض، وأيا كان سبب القبول أو الرفض لهذا الطلب فهو مشروع، لأنه يستند لحق خوله النظام لصاحب العمل فهو صاحب السلطة التقديرية في تقييم هذا الطلب وفق مصلحة العلم) مبدأ رقم 1292/1/432 بتاريخ 14/1/1432هـ
ختاماً: ان مسائل الاستقالة الواجب ان يحتويها المنظم في احكامه مما ينهي محاور الخلاف في تفسيرها ويحد من ارتكاب اخطاء العاملين واصاحب العمل لان العامل قد يتقدم باستقالته الصريحة ومع ذلك تكيف على انها انهاء غير مشروع للعقد مما سينتج لنا قضايا عمالية كثيرة يمكن توفير جهدها ووقتها وتكلفتها باحتواء النظام احكام للاستقالة